النبي عيسى عليه السلام: حياة مليئة بالمعجزات والدروس
النبي عيسى عليه السلام هو أحد أعظم الأنبياء الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى البشرية، وكان رسالته تدعو إلى التوحيد والإيمان بالله وحده. يحتل عيسى عليه السلام مكانة عظيمة في الإسلام، حيث وردت قصته بتفصيل في القرآن الكريم، الذي يوضح مراحل حياته منذ ولادته المعجزة وحتى رفعه إلى السماء.
ولادته المعجزة
كانت ولادة النبي عيسى عليه السلام حدثًا معجزًا ومذهلاً. فقد اختار الله السيدة مريم عليها السلام، وهي من أطهر النساء وأعفّهن، لتحمل وتلد نبيًا دون أن يمسها بشر. عندما أرسل الله إليها المَلَك جبريل عليه السلام، بَشّرها بأنها ستلد ولدًا، فقالت:
"قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ؟ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ" (آل عمران: 47).
وهكذا حملت السيدة مريم بعيسى عليه السلام، وولدت في مكان بعيد تحت شجرة نخلة، حيث أنزل الله عليها رزقًا وطمأنها.
رسالة النبي عيسى عليه السلام
أُرسل عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل ليهديهم إلى الصراط المستقيم ويصحح المفاهيم الخاطئة التي كانوا يتبعونها في دينهم. كان يدعوهم لعبادة الله وحده ونبذ الفساد والرياء. وقد أيّده الله بالعديد من المعجزات التي كانت دليلًا على صدق نبوته.
معجزاته
تجلّت معجزات النبي عيسى عليه السلام منذ ولادته، حيث تحدث وهو في المهد ليبرئ والدته مما اتُّهمت به، وقال:
"إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا" (مريم: 30).
ومن بين معجزاته العديدة:
- إحياء الموتى بإذن الله: كان يعيد الحياة للأموات، وهذا يُظهر قدرة الله المطلقة.
- شفاء المرضى: كان يبرئ الأكمه (الذي ولد أعمى) والأبرص بلمسة منه، مما أدهش قومه.
- خلق الطير من الطين: كان يشكّل الطين على هيئة طائر، ثم ينفخ فيه فيصبح طيرًا بإذن الله.
- إنزال المائدة من السماء: طلب حواريّوه مائدة طعام من السماء كبرهان على قدرته، فاستجاب الله لهم.
حواريّو عيسى عليه السلام
كان للنبي عيسى عليه السلام عدد من التلاميذ المخلصين الذين آمنوا برسالته وساندوه في دعوته. يُطلق عليهم الحواريون، وقد وصفهم القرآن الكريم بأنهم نصارى الله. كانوا يرافقونه في دعوته، ويشهدون على معجزاته، ويساهمون في نشر تعاليمه.
موقف بني إسرائيل من عيسى عليه السلام
على الرغم من المعجزات الباهرة التي أظهرها عيسى عليه السلام، إلا أن بني إسرائيل رفضوا تصديقه واتهموه بالسحر والكذب. بل سعى بعضهم لقتله ظنًا منهم أنه يُهدد مكانتهم الدينية والسياسية.
لكن الله سبحانه وتعالى حفظ عيسى عليه السلام ورفعه إلى السماء حيًا، وألقى شبهه على رجل آخر. قال الله تعالى:
"وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ" (النساء: 157).
مكانة النبي عيسى عليه السلام في الإسلام
يؤمن المسلمون بأن عيسى عليه السلام هو عبد الله ورسوله، وأنه من أولي العزم من الرسل. كما أن القرآن الكريم ينفي عنه أية صفات ألوهية، ويؤكد أنه بشر أرسله الله لهداية الناس.
وسيعود عيسى عليه السلام في آخر الزمان، ليكون شاهدًا على الحق وينهي الفتن والفساد، كما أخبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
الدروس والعبر من حياة عيسى عليه السلام
- التوحيد الخالص: رسالة عيسى عليه السلام كانت دعوة لعبادة الله وحده ونبذ الشرك.
- الصبر على الأذى: تحمل عيسى عليه السلام أذى قومه بصبر وحكمة، وهذا درس لكل داعية.
- الإخلاص في الدعوة: كان يسعى لإيصال الحق دون انتظار مقابل.
- رحمة الله بعباده: معجزات عيسى عليه السلام تبرز رحمة الله وعنايته بعباده.
ختامًا
النبي عيسى عليه السلام هو نموذج للطهر والفضيلة، ودعوته تحمل رسائل خالدة للبشرية جمعاء. يحثنا الإسلام على الإيمان به وتقديره كرسول كريم أرسله الله رحمةً للعالمين.
تعليقات
إرسال تعليق