ياجوج وماجوج: حقيقة وأحداث النهاية
ياجوج وماجوج من أبرز الشخصيات التي وردت في القرآن الكريم وفي الأحاديث النبوية الشريفة، حيث يعتبرون من العلامات الكبرى ليوم القيامة. هذه الشخصيات الغامضة أثارت الكثير من التساؤلات والتفسيرات على مر العصور، وسنحاول هنا تسليط الضوء على حقيقتهم وما ورد عنهم في النصوص الشرعية.
ياجوج وماجوج في القرآن الكريم
ورد ذكر ياجوج وماجوج في موضعين في القرآن الكريم:
في سورة الكهف، حيث يُذكر أن ذو القرنين، وهو قائد مؤمن صالح، كان يجوب الأرض ناشرًا للعدل. وعندما وصل إلى منطقة تقع بين جبلين، وجد قومًا يشتكون من فساد ياجوج وماجوج. طلبوا منه أن يبني سدًا يحميهم من هؤلاء القوم الذين يفسدون في الأرض، فاستجاب لطلبهم وبنى سدًا قويًا من الحديد والنحاس. يقول الله تعالى:
"حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا. قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا..."
(سورة الكهف: 93-94)في سورة الأنبياء، حيث يُشار إلى خروجهم كعلامة من علامات اقتراب يوم القيامة:
"حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ"
(سورة الأنبياء: 96)
صفاتهم وأفعالهم
تشير الروايات إلى أن ياجوج وماجوج من البشر، وليسوا كائنات خارقة للطبيعة. قيل إنهم كثيرو العدد، ويتميزون بالفساد والتخريب أينما حلّوا. وقد وصفهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي بأنهم "يأكلون كل ما يمرون به ويشربون كل ماء يجدونه".
ورُوي في الحديث أيضًا أن خروجهم في آخر الزمان سيؤدي إلى انتشار الفساد والدمار بشكل كبير، إلى درجة أن الناس سيعجزون عن التصدي لهم إلا برحمة من الله تعالى.
خروج ياجوج وماجوج في آخر الزمان
من المعتقدات الإسلامية أن ياجوج وماجوج سيظهرون في نهاية الزمان بعد زوال السد الذي بناه ذو القرنين. عند خروجهم، سيكونون قوة لا تُقاوَم بسبب كثرة عددهم وشدة فسادهم. ورد في الحديث الشريف:
"ويحجُزهم الله حتى يأذنَ لهم بالخروج، فيُفسِدون في الأرض ويأكلون كل شيء، ثم يدعو المسلمون اللهَ فيبعث عليهم دُودًا يضرب في رقابهم فيُهلِكهم جميعًا"
(رواه مسلم).
تفسيرات معاصرة لقصتهم
ظهرت العديد من التفسيرات والاجتهادات المعاصرة حول ياجوج وماجوج، فمنهم من يرى أنهم رمز لجماعات أو قوى عالمية تُسبب الفساد والدمار. بينما يرى آخرون أنهم جماعات فعلية ستخرج في وقت معلوم عند انهيار السد الذي يفصلهم عن باقي العالم.
الدروس المستفادة من قصتهم
- العدل والقوة في الإسلام: ذو القرنين كان قائدًا عادلًا استخدم قوته لنشر الخير وحماية الضعفاء، وهو مثال يُحتذى به.
- ضرورة الاستعانة بالله: مهما بلغت قوة البشر، فإن رحمة الله وحمايته هي الملجأ النهائي.
- الإيمان بالغيبيات: قصة ياجوج وماجوج تُذكرنا بأن هناك أمورًا غيبية لا نستطيع تفسيرها إلا بالإيمان بالنصوص الشرعية.
الخاتمة
قصة ياجوج وماجوج من أعظم القصص التي تُبرز عظمة الله وقدرته على تسيير الأمور. إنها تذكرنا بأن الحياة الدنيا زائلة، وأن هناك يومًا سيأتي تُقام فيه الساعة، حيث تُحاسب كل نفس بما كسبت. علينا أن نتأمل في هذه القصة ونستعد ليوم نلقى فيه الله، سائلين إياه أن يحمينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا من عباده الصالحين.
تعليقات
إرسال تعليق